سعداء في رمضان (5)
وقبل أيام قلائل امرأة ممن نرجو أن تكون قد نالت شرف السعادة في رمضان امرأة لا تملك من الشهادات ما يملكه بعض الفتيات ولا تملك من الأموال ما يملكه بعض الأثرياء لكنها امرأة تعلق قلبها بربها كانت هذه المرأة قبل أيام في بيتها تعد وجبة الإفطار لأبنائها ولزوجها لكنها لم تنسى أيضاً أن تقدم شيئاً من الإفطار لتفطر الصائمين فيكتب لها أجر صيام يوم من فطر صائما كان له مثل أجره أرسلت طعامها إلى المسجد وبعد الإفطار مباشرة انطلقت إلى مسجد منطقتهم ودخلت مصلى النساء وبدأ الإمام بالصلاة فقامت تلك المرأة على كبر من سنها تسوي صفوف النساء تأمر بالمعروف تسوي الصفوف تسد الفرج صلت مع المصلين ثم نزلت من المسجد فرحة بيوم صامته لله وقيام ليلة تسأل الله بها القبول وتفطير للصائمين سارت إلى بيتها سارت وقد كانت تقبض في يدها بشريط ديني وزع عليهم بالمسجد سارت بذلك الشريط وهي تسير إلى مسجدها عائدة بخطاها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول من راح إلى مسجد الجماعة كانت له خطوة تمحو سيئة وخطوة تكتب حسنة ذهابا وإيابا عادة بخطاها وفجأة وإذ بتلك الشاحنة التي لا تنتبه لتلك المرأة فتصطدم بها لتسقط تلك المرأة ميتة بدمائها لكن ما ضرها أن تموت وهي خارجة قبل قليل من عبادة إنهم سعداء وإن فارقوا هذه الدنيا يا عباد الله سعداء برمضان استشعروا معنى رمضان استشعروا التقرب إلى الله عاشوا لحظات الإيمان وسعيد آخر سعيد آخر يا عباد الله من سعداء هذا الشهر سعيد آخر وافى رمضان وكم عنده من الآلام والأحزان وافى رمضان ومصائب قد ابتلي بها ذاك مسحور وآخر معيون وثالث مريض ورابع مديون وعقيم يرجو الولد وشاب يتمنى الزواج وذو كلم ومصيبة يرجو تفريج همومه وافى شهر رمضان فعلم أن للصائم دعوة مستجابة في رمضان فتوضأ فأحسن الوضوء وبسط كفه بين يدي مولاه وأطرق رأسه وبث شكواه والتجئ بالله وأغلق أبواب البشر وقرع باب الجبار أرسل الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تغلق أرسل الشكاياة واشتكاه وبكاه والتجئ وتمنى واستغفر وتاب فإذا بالفرج من الله وتنفيس الكرب من لدنه قال لي قالها ذلك الذي فرج الله همه قالها كنت مريضاً بمرض أجريت لي العمليات العملية تلو العملية ما أجدت مني شيئا ما زلت أستشير الأطباء فيشيرون إلي بعملية أخرى ذهبت في العشر الأواخر في رمضان إلى الحرم وفي ليلة من ليالي رمضان وكنت أعاني من دماء تنزل مع تبولي في تلك الليلة قمت ورفعت الأكف سجدت وبثثت الشكوى ومع صلاة الفجر ذهبت لدورات المياه ولأول أجد بسلاسة في بولي وانكشاف لهمي شافاه الله وأنى له أن تخيب دعواه وهو يناجي ربه ومولاه عقيم أرسلها رسالة للمصلين في أحد المساجد عشر سنوات لم أرزق بالذرية والعام الماضي انكببت بالدعاء إلى الله في شهر رمضان طلبت من إمام المسجد أن يدعو لي دعا الإمام لكل عقيم وهذا العام يرسل رسالته ليخبرهم أن امرأته في شهرها الأخير حامل مديونون بثوا الشكوى إلى الله فقضى الله دينهم إنه شهر رمضان شهر إجابة الدعوات وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين إنهم سعداء إيه وربي سعداء في هذا الشهر سعيد آخر من أولئك السعداء وافى شهر رمضان وافاه بالذنوب والآثام نظر لحرام وأكل للحرام تضيع للصلوات تفريط للطاعات معاص وآثام غفلة عن ربه ومولاه وافى شهر رمضان وبذل الليالي الحسان وفي قلبه قسوة وفي نفسه وحشة يعيش في ضيق وهموم مما خالطه من المعاصي والآثام لكنه ما إن وصل رمضان ما إن أدرك رمضان إلا وسمع خبر عظيما ماذا سمع سمع أن لله في كل ليلة من ليالي رمضان عتقاء كثر من النار فتحركت التوبة في نفسه وعلم أن ربه يغفر الذنوب ويستر العيوب ويقيل العثرات ويمحو السيئات كيف لا وهو الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل كيف لا وهو الذي يتنزل إلى سمائه الدنيا فيقول هل سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له هل من تائب فأتوب عليه أعلنها توبة لله بكى بين يدي ربه ومولاه أقلع عن ذنبه واستغفر ربه وناجى ربه وقال يا ربي إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن جودك أعظم إن كان لا يرجوك إلا محسن فبمن يلوذ ويستجير المذنب ومن الذي أدعو وأهتف باسمه إن كان بابك عن فقير يوصد حاشى لجودك أن تقنط عاصيا الجود أجزل والمواهب أوسع فإذا به يجد راحة وانشراح ولذة يبكي لقراءة القرآن يتلذذ بالقيام يسعد بالصيام سعادة ما عهدها من قبل هموم زالت عنه ومازال يرجو رحمة ربه ومولاه عباد الله ما أكثر السعداء في رمضان ما أكثر أولئك السعداء وما أطول حديثهم وألذ ذكرهم لكنهم أناس لكنهم عرفوا الله باختصار في رمضان وسابقوا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين وأعلنوا التوبة بين يدي رب العالمين ولذلك إذا أردت أن تراهم وإلى حالهم فانظر إليهم بعد ليال وهو يودعون رمضان الذي أزف على الرحيل يا عباد الله دنت ليالي رمضان على الانصرام وأزف وقت الرحيل لا إله إلا الله ما أسرع تعاقب الليالي والأيام يا شهر الصيام ترفق دموع المحبين تدفق قلوبهم من فرط الفراق تشقق إنهم الذين يبكون على فراق الحبيب أولئك هم السعداء الذين سعدوا في شهر الصيام
المصدر : طريق التوبة