بسم الله الرحمن الرحيم
ازدحمتِ الملاهِي بِمَا يَسرّ الهَوى
وبدأت تَتطَاولُ عَلَى الحياءِ باسم الرّأفةِ والحُريةِ
لكي تَنالَ مَا وراءَ الستارِ ولا شيءَ غَيرَ إزَاحَةِ السّتارِ تُريدُ
لفيفٌ مِن الأعيُنِ تَتَهافَتُ لرُؤيةِ مَسرحِ الفَضِيلةِ
ذَاكَ الّذي تَجرِي عليهِ مَشاهدُ الحياةِ المُطمئنةِ خَلفَ ستارِ الحياءِ
لا لتتعلمَ منهَا , أو تتخذَ أبَطَالهَا قُدوةً ,,
بَلْ لِتَنزِعَ عَنهَا حَياءهَا
فكانتْ " فتاةُ النّورِ" هِي مَسرحَ الفَضِيلةِ
الّتي يَسعَى الهَابِطونَ إلى نَزعِ سِتار ِالحياءِ عنهَا
ليُفسِدُوا عليهَا حَياتَهَا المُطمَئنة َ
تَحتَ دَعوَى التحرير والتنوير
لكنهَا مَا فَتِئتْ تُلقِي لتلكَ الدّعَاوى أيّ همّ
فعلَتْ وشَمختْ بِحجَابِها ,
فِي زمــنٍ اندَثرتْ فِيهِ الفَضــيلة ُ ؛ وَحاولَ البعضُ دفْنَها حيّةً تحتَ التّرابِ..
نهضتْ فَتاةُ النّورِ ؛ تُعانِـــــــقُ الوُجـُــــــودَ بِكلّ إشراقٍ وسُموٍ ..
سَمِعَتْ قَولَ الله تَعَالى " يَاأيُّهَا النَبِيُ قُل لِأَزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَ مِن جَلَابِيبِهِنَ ذَلِكَ أَدنَى أن يُعرَفن َفَلَا يُؤذَينَ وَكَانَ الله غَفُوراً رحيماً"
فَبَادَرَتْ وانصَاعتْ لأوامِر ربّها
لَكِن ,,
تَبقَى هِيَ كَمَا الهِلَالُ ,,
أوَمَا رَأيتُمُ الهِلَالَ كَيفَ يَبدُو فِي بِدَايَةِ كُلِ شَهرٍ ؟!
إِنَهُ مُضيء .. لكِن يَنقُصُهُ الكَثِيرُ لِكَي يَكتَمِل نُورُه لِيَزهُوَ بِجَمَالِه ...
هَكَذَا هِيَ ...
ظَنت أنَّهَا بِحِجَابِهَا قَد اكتَمَلَ نُورُهَا
لِتَكُونَ مُؤمِنَةً حَقاً،
وَأَنَّهَا أطَاعَتْ رَبَّهَا وَ أَدتْ مَاعَلَيْهَا
كَيْفَ لا وَهِيَ قَد اِرْتَدَتْ النَّقَابَ ؟
وَآثَرَتْ ذَا الغِطَاءِ الأسْوَدِ عَلَى كَشْفِ مَفَاتِنِهَا أوْسَمَاعِ إطرَاءِ مَنْ حَوْلَهَا ؟
فَأصْبَحَتْ صُورَةً مُشْرِقَةً فِي زَمَنٍ تَفَشَّى فيهِ مَرَضُ العُرِيِّ والسُفُورِ
عِزَةٌ فِي نَفْسِهَا وَفَخْرٌ بِذَاتِهَا فَهِيَ الدُرَةُ "المُغَطَّاةُ"
وَاللُؤْلُؤْةُ المَكْنُونَةُ فِي محارة الطُهْرِ وَالنَّقَاءِ ..
سَتَرَ الحِجَابُ مَفَاتِنَهَا لَكِنَهُ لَمْ يَسْتُرْ مَنَافِذَ جَوَارِحِهَا عَنِ الفِتَنِ
فَالعَيْنُ مَاغَضتْ طَرْفاً فَأْصْبَحَتْ كَالسَّهْمِ يُصَوَبُ فِي كُلِ صَوْبٍ
وَمَا وَعَتْ قَوْلَ الله تَعَالَى " وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضُنِ مِنْ أبْصَارِهِنَ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ " (النور / 31)
وَالأُذُنُ تَسْمَعُ مَاتَهْوَى مِن النَّغَمِ
وَإنْ كَانَتْ فِي مَجْلِسِ غِيبَة فَلِسَانُهَا يَلْسَعُ ..
وَإنْ كَانَتْ بَيْنَ صَحبٍ فِي غَمْزٍ وَلَمْزٍ فَهِيَ تَسْمَعُ وَ تُنْصِتُ وَلا تُبْدِي أدْنَى إنْكَارٍ
وَذَا اللِّسَانُ فِي تَنَاقُضٍ مِنْ أَمْرِهِ، تَرَاهُ تَارَةً يَتْلُو القُرْآنَ وَ تَارَةً يَنْطِقُ بِمَا لا يُرْضِي الله
يَخُوضُ فِي مَجَالِسِ غِيبَةٍ وَقِيلٍ وقالٍ
ولَرُبَّمَا حَدَّثَ فَأكْثَرَ الحَدِيثَ وَكَذَب
أوْ خَاضَ فِي جِدَالٍ فَأسَاءَ وَأَسْرَفَ
فَباتَ كَسِكِينٍ فِي يَدِ صَبِّيٍ يَلْعَبُ بِهِ فَيَجْرَحُ نًفْسَهُ
وَنَسِيَ قَوْلَ الله تعالى "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ الَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد" (ق/ 18)
والقَلْبُ عَن الذِّكْرِ مَحْجُوبٌ ، و لِلهَوَى فَهُو يَهْوَى
بَلْ وَصَارَ الهَوَى وَ رَغَبَاتُ النَفْسِ قَائِداً لِلقَلْبِ
إِنْ قَال : اشْتُمْ ، شَتَمَ
إِنْ قَالَ : لا تُحْسِن ولا تعفُ ولا تُصْلِح ، انْصَاعَ وانْقَادَ
فَمَا لِلنَّفْسِ اسْتِطَاعَةٌ عَلَى المُقَاوَمَةِ وِالمُجَاهَدَةِ فالعُدة قَلِيلَة
ولا حُصونٌ ولا مَدَافِع فِي القَلْبِ تَحْفَظُهُ مِن العَدُوِ
فَهُوَ كَقـَصْرٍ بلا حُرّاسٍ
قَالَ تَعَالى "فَإن لم يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَم أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُم وَمَنْ اضَلُ مِمَنِ اتَبَعَ هَوَاهُ بِغَيرِ هُدَىً مِنَ الله إنَّ الله لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ" (القصص / 50)
فَيَا مصُونة
يَا مَن أكْرَمَكِ الله بَالحِجَابِ وَاخْتَارَكِ مِنْ بَيْنِ أولئِكَ الكَاشِفَاتِ العَارِيَاتِ
فَصَانَكِ وَسَتَرَكِ فَأصْبَحْتِ كَالدُرَةِ المَصُونَة
لا تُفَرِّطِي وَصُونِي حَقَ الله كَمَا صَانَكِ
اجْعَلِي مِنْ حِجَابِكِ خُلُقا يُهتدَى بِهِ
قَال - صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلم -: " إنَّ الرَجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَائِمِ القَائِمِ "
ولا يَكُونَنَ حِجَابُكِ كَدِثَارٍ لا يَقِي مِنْ الحَرِ والبَرْدِ شَيئْا
مما راق لي..